عندما قام الإيطالي ماركوني بتجاربه أول بث راديوي في التاريخ في أواخر القرن التاسع عشر لم يكن يتخيل أن هذه هي أول علامة حقيقية يتركها البشر كبصمة وجودهم في الكون الشاسع اللانهائي، الفقاعة الراديوية التي منذ بدأت لم تتوقف لحظة في التمدد والانتشار ولو بأضعف الترددات الممكنة.
الفقاعة الراديوية المتمددة بلغت الآن مئة عام تزيد قليلا، منطلقة في الفضاء بسرعة الضوء (فالبث الراديوي يقع في نطاق الموجات الكهرومغناطيسية والتي يعد الضوء الجزء المرئي منها)، مكونة كرة في القلب منها كوكب الأرض وبقطر 200 سنة ضوئية، هي كل أثر الحضارة البشرية في الكون..
هل ترى هذه الصورة التخيلية لمجرة درب التبانة! دقق وسترى نقطة زرقاء صغيييييييييرة جدا في الطرف منها…
هذا هو أثرنا! كل شيء حملته إتصالاتنا عبر السنين، إشارات الجواسيس من قلب أرض العدو في الحرب العالمية، إشارات إطلاق القنابل النووية الأمريكية على هيروشيما وناجازاكي! أسرة فرقها سور برلين لتتواصل لاسلكيا! مركبة أبوللو تدور حول القمر وترسل إشاراتها لمركز التحكم! نيل أرمسترونج يهاتف الأرض بعد أول خطوة على القمر! طائرة حربية تتلقى الأمر قبل أن تلقي بحمولتها فوق منزل لأسرة فقيرة في الشرق الأوسط! فوياجر في الفضاء بين النجوم ترسل ببياناتها لناسا! مكالمة حبيبين فرقهما الزمان والمسافات!
كل إشارة، كل كلمة حملتها حزمة راديو لاسلكية، هي هذه النقطة الزرقاء! فقط.
