أندروميدا، أبعد جرم في السماء يمكن أن يرى بالعين المجردة كنقطة باهتة، وكسحابة خافتة لها قلب منير بتلسكوب صغير، وكلما نظرت إليها، تذكر أنها تقترب منك، تتحرك بسرعة بالغة جدا تجاهنا، تجاه مجرتنا.
وما تراه أمامك ليس صورة للسماء حاليا، لكنها السماء كما سنشاهدها بعد حوالي أربعة مليارات من الأعوام، لقد وصلت الجارة أندروميدا بعد أن قطعت رحلة طويلة للغاية بسرعة ١١٠ كيلومترا في الثانية الواحدة، وهي على أبواب مجرتنا قبل الاصطدام الملحمي المتوقع بينهما. الصورة بالطبع تخيليه لشكل السماء حينئذ، لو كانت الأرض مازالت موجودة.
هل سنعيش كبشر لنشهد ذلك الحدث؟
ليس على الأرض بالتأكيد، فإذا لم يتمكن التغير المناخي من إنهاء الحياة على الأرض خلال الأعوام الألف القادمة، فإن هروب القمر من مدارنا سوف يحدث بعد مليار ونصف من الأعوام وسوف يُنهي ذلك الحياة على الأرض، أما الشمس فسوف تتحول خلال ثلاثة مليارات من الأعوام لعملاق أحمر لا يمكن للأرض أن تحتوي على حياة معه.
أين سنكون إذن؟
هل سنكون موجودين أصلًا؟
هل سيتذكرنا أحد وقتها؟
الإجابة على السؤل الأخير بسيطة: لا، لن يتذكرنا أيا كان الموجود وقتها، لن يتذكر أحد مشكلاتنا التافهة، خناقاتنا حول لا شيء على السوشيال ميديا، خلافاتنا السياسية والاقتصادية البائسة، أحقادنا، لحظات سعادتنا وأحزاننا، والوقت الذي أضعناه – ليس في عمل ما نحب – ولكن في التبرير لذواتنا أمام آخرين.
صديقي، الحياة فرصة نادرة للغاية، استغلها في عمل ما تحب حقًا، ودع العالم للعالم.